الجديدة تُهيئ حديقة محمد الخامس: تراجع عن الرياضة أم فرصة ضائعة قبيل كأس إفريقيا وكأس العالم؟
.
.
.
.
أطلقت السلطات المحلية بمدينة الجديدة طلبا دوليا للعروض لإعادة تهيئة حديقة محمد الخامس، يتضمن تصميما تمت فيه إزالة ملعب كرة الطائرة الشاطئية . وبينما رُوّج للمشروع على أنه دفعة جديدة في اتجاه تنشيط الفضاءات العمومية ثقافيًا، فإن هذا القرار أثار موجة واسعة من التحفظات والانتقادات من طرف فاعلين وناشطين في المجال الرياضي.
ويؤكد منتقدو المشروع أن هذا الفضاء الرياضي لم يكن مجرد ملعب عادي، بل مرفقًا حيويًا يحتضن شباب المدينة وممارسي الرياضات الشاطئية، في ظل الخصاص الكبير في البنيات الرياضية المفتوحة والمجانية.
في وقت تزداد أهمية الإبقاء على هذا النوع من الملاعب في ظل السياق الراهن، حيث يستعد المغرب لاحتضان كأس إفريقيا للأمم سنة 2025، وكأس العالم لكرة القدم سنة 2030 بشراكة مع إسبانيا والبرتغال.
وتُعد مدينة الجديدة من الوجهات المرشحة لاحتضان
منتخبات وطنية وجماهير رياضية في فترة التحضيرات أو الإقامة، ما يُحتّم تعزيز البنيات الرياضية لا تقليصها.
ويرى مهتمون أن تطوير ملعب الكرة الطائرة الشاطئية—بإضافة مدرجات بسيطة، نظام إضاءة ليلي، وحراسة دائمة—كان خيارًا استراتيجيًا أفضل بكثير من إزالته، خصوصًا وأنه يمكن استغلاله لتنظيم تظاهرات رياضية موازية خلال البطولات الكبرى، والمساهمة في تنشيط السياحة الرياضية المحلية.
تخوف من تكرار تجربة “مسرح سيدي بوزيد”
وفي مقابل ذلك، يُخشى من أن يتحول المشروع الجديد إلى تكرار لتجربة مسرح الهواء الطلق بسيدي بوزيد، الذي أنجز بتكلفة لا يستهان بها، ثم تُرك عرضة للإهمال، دون صيانة أو برمجة ثقافية منتظمة، ليصبح فضاءً مهجورًا يتجمع فيه المشردون ومستهلكو الممنوعات، بدل أن يكون منصة للفن والإبداع.
ويعبر عدد من سكان الجديدة عن قلقهم من احتمال تحول المسرح الجديد، في حال غياب خطة تدبيرية واضحة، إلى نقطة سوداء داخل الحديقة، خصوصًا مع محدودية الموارد البشرية لحراسة وصيانة مثل هذه المرافق.
أمام هذه التخوفات المتعددة، ترتفع الأصوات المطالبة بإعادة النظر في المشروع، عبر اعتماد مقاربة تشاركية تُشرك المجتمع المدني، الجمعيات الرياضية، الساكنة، والخبراء ، للخروج بتصور متكامل ومتوازن يراعي خصوصية الفضاء وموقعه، ويحقق الانسجام بين الوظيفة الترفيهية، الرياضية، والثقافية.
إن مدينة مثل الجديدة، بتاريخها وجاذبيتها وموقعها الاستراتيجي، تستحق فضاءات عمومية راقية، لكن الأهم أن تكون مدروسة وفعالة ومستدامة، لا مجرد مشاريع ظرفية تنتهي إلى الإهمال أو الفوضى.

